
الدار البيضاء
المدينة التي لا تنام
إنها العاصمة الاقتصادية للمملكة التي تضع قدمها في الحاضر وتشرئب بعنقها نحو المستقبل في تطور لا يتوقف. إنها الدار البيضاء التي تجمع بين هندسة معمارية ورثتها عن تاريخها العربي الأندلسي وهندسة مصممي المدن المرتبطة ببداية القرن الذين صنعوا المدينة الحديثة.
مما لا شك فيه أن الدار البيضاء تمتلك أغنى موروث معماري في المغرب. فهذه المدينة عبارة عن فسيفساء تلتقي فيها عدة أنماط، مثل النمط الإسباني والمورسكي الممزوج بالفن الزخرفي، والفن الجديد وحتى الكلاسيكية الجديدة. والجميل في هذه المدينة أن زيارتها لا تحتاج إلى دليل، إذ يكفي الاعتماد على ذاكرتها المعمارية. ولا شيء أفضل لاختتام الجولة فيها من زيارة مسجد الحسن الثاني، أحد أكبر المساجد في العالم، والذي يشع من جامور صومعته شعاع ليزر نحو القبلة في مكة المكرمة. كما يمكن للزائر أن يصول ويجول في حي الأحباس الذي يشكل مثالاً حياً لإعادة بناء مدينة عصرية في احترام تام للتقاليد والأنماط المعمارية العربية المغاربية.
مكان آخر يستحق الزيارة في نواحي الميناء هو حصن السقالة (السلم باللاتينية)، وهو بناء محصن تم تشييده في القرن الثامن عشر على يد محمد بن عبد الله لحماية المدينة من الغزو الخارجي، معتمدا في ذلك على نظام تحيصنات فوبان التي تعود للقرن السادس عشر. وقد أصبح هذا المكان اليوم مقهىً ذا شعبية كبيرة بإطلالة جميلة على المحيط يحمل اسم “مور” يقصده مرتادوه بحثاً عن الهدوء بعد المرور وسط صخب المدينة القديمة.
أما كورنيش الدار البيضاء الذي يتجدد باستمرار، فيطل على الزائر بالمارينا والميناء ومناطق الأعمال ليذكره أنه في العاصمة الاقتصادية للمملكة، ناهيك عن جزئه المجاور لتلة أنفا التي تعد قلب الحياة الليلية في الدار البيضاء. جدير بالذكر أيضا أن هذا الكورنيش يضم فندق أنفا الذي استقبل الحلفاء في شهر يناير 1943 في إطار مؤتمر أطلق عليه اسم مؤتمر أنفا أو مؤتمر الدار البيضاء الذي اتفق خلاله الحلفاء على سياستهم لما بعد الحرب.
وجدير بالذكر أن الدار البيضاء احتضنت سنة 1943 المؤتمر المعروف باسم “مؤتمر أنفا” الذي اتفق خلاله الحلفاء على سياستهم لما بعد الحرب.